الاختراق الأمريكي وانبهار البلهاء

الاختراق الأمريكي وانبهار البلهاء

فى بداية عام 1850 بدأت
الإرساليات الأمريكية إلي مصر تحت اسم ( الرسالة المشيخية الاتحادية
الأمريكية ) وكان ظاهرها التعليم وباطنها التنصير ، ولقد أقاموا عدداً من
المدارس أشهرها فى مدينة أسيوط وكانت للرجال والأخري فى القاهرة وكانت
للنساء ، ولقد صرح واطسن وهو أحد كبار المنصرين فى الاتحادية
الأمريكية أنهم نجحوا فى تنصير عدد كبير فى صعيد مصر فى ذلك الوقت منهم
اثنان وستون طالباً فى العام الأول ، وخمسة وثلاثون طالباً فى العام القانى
وذلك فى القطاع الثانوي !
وركزوا فى تلك الفترة على الطبقات الفقيرة وكان الإغراءيتم عن طريق التعليم المجانى ثم إيجاد فرص عمل بعد التخرج .
ثم بدأت الإرساليات تزداد بعدها ولكن أخذت منحنيٍ جديداً بتركيزها على
إعداد القادة ، وربط هؤلاء القادة الجدد بالثقافة الغربية ، لذلك عندما شعر
الأمريكان بنجاح هذه الإرساليات باختراق الطبقات الفقيرة والغنية على
السواء ، قرروا إنشاء الجامعة الأمريكية فى مصر سنة 1920
ولقد أكد
المؤسسون على مسيحية الجامعة لذلك شارك فى وضع المعالم الرئيسية لشخصية
الجامعة زويمر وجون موط السكرتير العام لجمعية الشبان المسيحيين
الأمريكيين، وبالفعل ولدت الجامعة نصرانية بروتستانتية تبشيرية بنسبة 100%
وللأسف الشديد لقد قوبل افتتاح الجامعة بالثناء الشديد من الصحافة المصرية
وكذلك الحكومة ، بل والأنكى من ذلك أن السلطان فؤاد دعا واطسن رئيس
الجامعة لعضوية اللجنة العامة لدراسة برنامج التعليم القومي !!
ومن
خلال الجامعة بدأت دراسة المجتمع المصري بعناية عن طريق التوجه الاجتماعى
للجامعة الأمريكية فى ذاك الوقت ، وأضافت مدرسة للدراسات الشرقية ومصلحة
لرعاية الطفل ، ثم أقاموا أخطر قسم فى الجامعة تحت عنوان قسم الدراسات
الممتدة ، وكان الهدف منه دراسة كافة فئات المجتمع والاتصال بأكبر عدد منهم
من خلال نشرات ولقاءات ووأمسيات ومناقشات وسينما تعليمية وغير ذلك من
الوسائل ، بل وكانت بعض هذه النقاشات والمحاضرات تعقد فى المدن خارج
القاهرة بل وفى القري أيضاً !!
وفى عام 1926 تم إنشاء كلية التربية ،
وتم تأهيل المجتمع لها من خلال إطلاق العبارات الرنانة والتى تؤكد أن الطرق
الجديدة للتعليم الحديث ستدخل مصر لأول مرة !
والحقيقة أن المنظومة
الغربية بقيمها المختلة هى الشيء المراد إدخاله وتمكينه من عقول المصريين
فى ذاك الوقت ، وقد أصدرت الكلية حينها صحيفة التربية الحديثة صاحبة
التأثير الكبير فى مصر ، بل تعدت إلي سوريا والعراق والسودان وبلاداً أخري
المقصد من هذا العرض الموجز أن الثقافة الغربية وخصوصاً الأمريكية بدأت من
التركيز على التعليم وذلك بإنشاء مدارس وجامعات لها فى بلاد المسلمين ،
وكذلك الاشتراك فى اللجان الخاصة بتطوير التعليم ، وعندما نقرأ عن تاريخ
الأمريكان الذي يُعرف بالخبث واحتواءه على النفسية الاستعمارية مع عدم وجود
مضادات المناعة عند المصريين ضد وهم علو الثقافة الغربية على غيرها من
الثقافات ، يمرر هؤلاء كل سمومهم من خلال تعليمهم الخاص أو لجاننا العامة !
لذلك علينا أن نعيد لمناهج التعليم المصرية قيمها وثوابتها الشرعية
وتنقيتها من كل دخيل عليها ، وذلك حتى نبدأ مع الجيل القادم مرحلة جديدة لا
تعتمد على التبعية الفكرية ولا تسبب انبهاراً للبلهاء
بقلم الشيخ / محمد سعد الازهرى