سؤال وجواب الاربعين النووية (22)

سؤال وجواب الاربعين النووية (22)
مقرر اعمال السنة الثانى

الحديث الثانى والعشرون

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبي فَقَالَ:
أَرَأَيْت إذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَاتِ، وَصُمْتُ رَمَضَانَ،
وَأَحْلَلْت الْحَلَالَ، وَحَرَّمْت الْحَرَامَ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى
ذَلِكَ شَيْئًا؛ أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ» رواه مسلم.

1.اذكر راوى الحديث؟
أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

2.اشرح الحديث ؟
هذا الحديث أيضا حديثٌ من جوامع الكلمة -صل الله عليه وآله وسلم- لاشتماله على أحكام الشريعة كلها.
يقول النووي رحمه الله على هذا الحديث: وعليه مدار الإسلام
لجمعه له، وذلك لأن الأفعال إما قلبية وإما بدنية وكل منهما أي من الأعمال
القلبية أو البدنية وكل منهما: إما مأذونا فيه وهو الحلال، أو ممنوعا منه
وهو الحرام، فإذا أحل العبد الحلال وحرَّم الحرام فقد أتى بجميع وظائف
الدين، ودخل الجنة آمنا.
إذن هذا الحديث يشتمل على جميع أحكام الإسلام، لأنه بعبارته في
قوله: «وَأَحْلَلْت الْحَلَالَ، وَحَرَّمْت الْحَرَامَ» دخلت فيه أحكام
الإسلام كلها سواء كانت هذه الأحكام قلبية وسواء كانت أحكاما بدنية.
يقول الشيخ العثيمين: يقول جابر«أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبي
-صلى الله عليه وآله وسلم». وهذا الرجل لا نحتاج لمعرفة عينه، لأن المقصود
القضية التي وقعت، ولا نحتاج إلى التعب في البحث عنه، اللهم إلا أن يكون
تعيينه مما يختلف به الحكم فلابد من التعيين.
«أَرَأَيتَ إِذا صَليتُ المَكتوبَات» وهن خمس صلوات في اليوم والليلة
«وَصمتُ رَمَضَان» أي الشهر المعروف.
«وأحللت الحلال» أي اعتقدت حله لأنني لا ينبغي علي إذا اعتقدت حل أشياء أن أفعلها
«وَحَرَّمتُ الحَرَامَ» أي اجتنبت الحرام معتقداً تحريمه.
«أَأدخُل الجَنة» يعني هذه الأفعال صليت المكتوبات وصمت رمضان
وأحللت الحلال وأحرمت الحرام ولم أزد على ذلك شيء أأدخل الجنة، والجنة هي
دار النعيم التي أعدها الله U للمتقين، فيها مالا عين رأت، ولا أذن سمعت،
ولا خطر على قلب بشر، والجنة فيها فاكهة ونخيل ورمان وفيها لحم وماء وفيها
لبن وعسل.
الاسم مطابق لأسماء ما في الدنيا ولكن الحقيقة مخالفة لها غاية المخالفة لقول الله تعالى: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ [السجدة: 17]

3.ما الذي أوجبه الله عليك في اليوم والليلة من الصلوات؟
نقول الصلاة مفروضة
بذاتها خمس صلوات وهناك صلوات قد تفرض أو قد تجب ولكن لأسباب، ولذلك يقول:
وغير الخمس لا يجب إلا لسبب يقتضيه،مثلا صلاة الجنازة هي فرض على الكفاية،
إذن هي دخلت في الواجب أيضا، وقد تجب على العين إذا لم يكن إلا شخص أو
شخصين هما الذين سيصلون على الميت فتجب عليهم فهذه الصلاة، وجبت بسبب

4.اذكر معانى كلمات الحديث ؟
ومعنى « ، وَحَرَّمْت الْحَرَامَ، »: اجتنبته.
ومعنى « وَأَحْلَلْت الْحَلَالَ»: فعلته معتقدا حله.

5.هل يقال رمضان أم يقال شهر رمضان؟
أن الله U ذكر كذلك في
كتابه قال: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ﴾، ومنها أنهم استدلوا بحديث ضعيف أو موضوع
عند أهل العلم أن رمضان اسم من أسماء الله U، فقالوا إذن لا يقال إلا شهر
رمضان امتثالا للقرآن، ولذلك البخاري بوب في صحيحه بابا قال هل يقال رمضان
أو شهر رمضان ومن رأى كله ؟؟؟ ثم قال البخاري وقال النبي r: «من صام رمضان»
وقال r: «لا تقدموا رمضان».
إذن البخاري يميل إلى جواز أن يقال رمضان بلا شهر، وهذا هو الصحيح، لأنه وردت الأحاديث بذلك.
هنا أيضا يقول: : «وَصمتُ رَمَضَان» والنبي r لم يقل له قل
وصمت شهر رمضان، فدل إقرار النبي r للسؤال هذا على أن النبي r يقر هذا
الرجل على قوله رمضان بلا قوله شهر.
الصيام في اللغة: الإمساك عن أي شيء،من أمسك عن فعل شيء فقد صام، ولذلك في قوله تعالى حاكيا عن مريم ﴿إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا﴾
الصيام في الشرع: هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس تعبداً لله

6.قال «وَأَحلَلتُ الحَلالَ» , أحل الشيء لها معنيان اذكرهما؟
المعنى الأول: الاعتقاد أنه حلال.
المعنى الثاني: العمل به.
و هذا اعتقاد حلال حتى يؤجر على هذا الاعتقاد، إنما هل يلزم
أنه يعتقد الحلال حتى يكون ما فعله حلالا، مثلا الإنسان يأكل لم يخطر في
باله أن الأكل حلال إنما هل يؤجر على أكله؟ لا يؤجر إلا إذا اعتقد حله
وكذلك أيضا نوى ذلك نوى أن يتقوى بهذا المباح على شيء واعتقد حله كذلك،
إنما لا يشترط بأن يكون الشيء حلالا بأن يعتقد أنه حلال، كلنا يتكلم مثلا
في التليفون المحمول هل خطر ببالك أن المحمول حلال؟ قد لا يخطر.
إذن الحلال لا يتوقف على أن يكون حلال على الاعتقاد نفسه إنما
هو إعطاء على الاعتقاد والعمل، إنما لو أنه اعتقد أن هذا الأمر حلال ففعل
من أجل أن الله أحله لو استعان به على غيره صار الأمر مأجورا عليه.

7.«أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ»,ولكن هذا مقيد أيضا بأحد أمرين.اشرح ذلك ؟
«أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ قَالَ: نَعَمْ»
قال: ونعم حرف جواب لإثبات المسؤول عنه، والمعنى: نعم تدخل
الجنة.هذا الحديث من أحاديث الوعد أي أنه موعود بالجنة من فعل ذلك.
ولكن هذا مقيد أيضا بأحد أمرين:
مقيد بأن يأتي الإنسان بالتوحيد، يعني نعم رجل يصلي ويصوم ويحل
الحلال المعلوم لديه ويحرم الحرام ولكن لم يأتي بالتوحيد هل يدخل الجنة؟
لا إذن هذا الوعد مقيد بأحاديث أخرى فيها النص على اشتراط
التوحيد، كذلك أيضا مشروط بوجود شروط أخرى وانتفاء موانع أخرى، هذه نصوص
الوعد ولذلك نقول لا نفهم نصا من نصوص الوعد أو من نصوص الوعيد على حده بل
نضمه إلى غيره مما ذكر أيضا في الوعد والوعيد فيتضح المقام، ولذلك أحاديث
مثلا مثل «من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة» كلمة دخل
الجنة في محل إثبات ،يثبت دخول من كان آخر كلامه الجنة .
دخول الجنة ينقسم إلى دخولين:
دخول الأولي: دخل الجنة من أول وهلة، بمعنى، من غير حساب ولا
سابقة عذاب، هذا الرجل غفر الله له لم يعد عنده ذنب يحاسب عليه، كلمة
التوحيد بنورها أبادت ظلمات كل الذنوب ومات تائب دخل الجنة، يبقى دخل
ابتداء مع أول من يدخلها، فدخل الجنة تحتمل هذا المعنى أنه دخل الجنة مع
أول من يدخلها ويسميه العلماء كما قدمت دخول أولي يعني من أول من يدخل مع
الداخلين هذا الشخص.
الدخول الثاني الدخول ألمآلي:،يعني لا يدخل الجنة ابتداء ولكن
مآله عاقبة أمره نهاية مطافه أنه سيدخل الجنة وهذا مثلا من مات مصرا على
كبيرة ودخل النار لينقى منها، هل لما أصر على الكبيرة ومات على الكبيرة
ودخل النار بعدل الله U فنقي من كبيرته هل سيظل آبدا مؤبدا في النار؟ لا
اعتقاد أهل السنة والجماعة أنه سيخرج أهل الكبائر من النار بعدما ينقون من
ذنوبهم ويمحصون يخرجون من النار ثم يدخلون الجنة، ولكن هذا الدخول دخول
مآلي لم يكن دخولهم للجنة أوليا مع أول من دخل.
نفي دخول الجنة يحتمل معنيين أيضا:
المعنى الأول: النفي الأولي: يعني لا يدخل الجنة قاطع رحم هل
معناه أنه سيخلد في النار أو لا يدخل الجنة أبدا، ليس هذا معناها إنما «لا
يدخل الجنة قاطع رحم» إما لا يدخل الجنة التي خلقت لمن لم يقطع رحمه وإما
لا يدخل الجنة قاطع رحم بمعنى أنه لا يدخلها ابتداء أو دخولا أوليا ، حتى
ينقى من ذنبه هذا، كما في قول النبي r: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه
مثقال ذرة من كبر» هذا لا يدخل الجنة أوليا أيضا إن لم يغفر الله له أو
تدركه شفاعة الشافعين أو غير ذلك.
آيات لا يدخل الجنة كافر، هذا عدم دخولها دخولا أبديا يسمونه
النفي المؤبد أن من أشرك بالله U لا يدخل الجنة حرمت عليه تماما لا يدخلها،
صاحب الكبيرة إذا ورد في حقه لا يدخل الجنة معناها لا يدخل دخولا أوليا
إنما ينقى من كبيرته وبعد ذلك يدخل الجنة، إنما إذا أتى النص في مشرك أو
كافر حرم عليه الجنة، فهذا التحريم تحريم مؤبد أنه لن يدخلها أبدا.

8.اذكر فوائد الحديث؟
1-حرص الصحابة رضي الله
عنهم على السؤال، وحسن السؤال نصف العلم كما قال أهل العلم، إذا كان عندك
حسن في السؤال فبفضل الله U ستتعلم وستستفيد، إنما إذا سألت سؤال، يحتمل
إجابات ثم تأخذ الإجابة أنت على ذهنك بما تريده أنت من نفسك فهذا ليس علما
إنما هذا إتباع للهوى.
2- بيان غايات الصحابة رضي الله عنهم، وأن غاية الشيء عندهم
دخول الجنة، لا كثرة الأموال، ولا كثرة البنين، ولا الترفه في الدنيا،
ولهذا لما قضى أحد الصحابة للنبي r حاجة قال له النبي r: «اسْأل ماذا
تريد؟ قال: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: أِو غَيْرَ ذَلِكَ؟ قال:هو ذاك،
قال: فَأَعِنِّيْ عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ»، أي بكثرة الصلاة.
3-أن الإنسان إذا اقتصر على الصلاة المكتوبة فلا لوم عليه، ولا
يحرم من دخول الجنة لقوله: «أَرَأَيتَ إِذا صَليتُ المَكتوبَات».
4-أن الصلوات وكذلك الصوم من أسباب دخول الجنة، وقد ثبت عن
النبي r «أن من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه».
5-أن لا يمتنع الإنسان من الحلال، لقوله: «وَأَحلَلتُ
الحَلال» فكون الإنسان يمتنع من الحلال لغير سبب شرعيٍّ مذموم وليس
بمحمود.
ولذلك في النفر الذين أتوا للنبي r قال أحدهم لا أكل
اللحم،فقال النبي r: «وأنا أكل اللحم ومن رغب عن سنتي فليس مني»فمن سنته أن
هذا الحلال نأكله
6-أن الحرام: ما حرمه الله تعالى في كتابه، أو على لسان رسوله
r، وتحليل الحلال وتحريم الحرام هو عام في جميع المحللات وجميع المحرمات،
ولهذا قال: أَدخُل الجَنة؟ قَالَ: نَعَم .
إشكال: قول الرجل قال: لم أزد على ذلك شيئاً. فقال له النبي r
تدخل الجنة، مع أنه نقص من أركان الإسلام الزكاة والحج، والزكاة مفروضة قبل
الصيام، فلا يقال: لعل هذا الحديث قبل أن تفرض الزكاة، أما الحج فيمكن أن
نقول أن هذا الحديث قبل فرض الحج، لكن لا يمكن أن نقول إنه قبل فرض
الزكاة، فما الجواب عن هذا؟
الجواب :أن يقال: لعل النبي r علم من حال الرجل أنه ليس ذا
مال، وعلم أنه إذا كان ذا مال فسوف يؤدي الزكاة، لأنه قال: «وَحَرَّمتُ
الحَرَام» ومنع الزكاة من الحرام.
إذن كأن الرجل قال يا رسول الله أفعل ذلك وأحل الحلال وأحرم
الحرام اعتقد حل الحلال واعتقد حرمة الحرام أفعل الحلال واترك الحرام فعلم
النبي r من أنه إذا كان ذا مال وعلم أن الزكاة مفروضة سيفعلها، لأنها سيحل
الحلال ويحرم الحرام.
أما الحج فما أسهل أن نقول: لعل هذا الحديث قبل فرض الحج، لأن
الحج إنما فرض في السنة التاسعة أو العاشرة، و هذا على الصحيح من كلام أهل
العلم،وليس في السنة السادسة كما يقول بعض أهل العلم ذلك.
7-أن الجواب بـ: نعم إعادة للسؤال، لأن قوله: «أَأَدْخُلُ
الجَنَّةَ؟» قَالَ: نَعَمْ يعني تدخل الجنة،كأن النبي r قال نعم تدخل
الجنة، ولهذا لو سئل الرجل فقيل له: أطلّقتَ امرأتك؟ قال: نعم، فإنها تطلق
لأن قوله: نعم، أي طلقتها.

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال

» سؤال وجواب الاربعين النووية (9)
» سؤال وجواب الاربعين النووية (12)
» سؤال وجواب الاربعين النووية (16)
» سؤال وجواب الاربعين النووية (10)
» سؤال وجواب الاربعين النووية (17)