جنى الجومان
مرحبا بكم في منتدى جنى الجومان,,,,,,

نرجوا التسجيل والانضمام في المنتدى """"""
اذا كنت مسجل في المنتدى نرجوا ان تقوم بتسجيل الدخول
تحياتي جنى الجومان ,,,,.......
جنى الجومان
مرحبا بكم في منتدى جنى الجومان,,,,,,

نرجوا التسجيل والانضمام في المنتدى """"""
اذا كنت مسجل في المنتدى نرجوا ان تقوم بتسجيل الدخول
تحياتي جنى الجومان ,,,,.......
جنى الجومان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جنى الجومان

تفريغات معهد شيخ الإسلام العلمى للأخوات فقط
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التوحيد (الحلقة الخامسة) توحيد الربوبية: إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ستور الشهرانى
مشرفة
مشرفة
ستور الشهرانى


عدد المساهمات : 46
لؤلؤة : 144
نقاط الأعجاب : 11
تاريخ التسجيل : 03/01/2013

التوحيد  (الحلقة الخامسة)  توحيد الربوبية:  إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية: Empty
مُساهمةموضوع: التوحيد (الحلقة الخامسة) توحيد الربوبية: إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية:   التوحيد  (الحلقة الخامسة)  توحيد الربوبية:  إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية: I_icon_minitimeالخميس مارس 14, 2013 9:29 am

التوحيد

(الحلقة الخامسة)

توحيد الربوبية:

إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية:

وامتداداً لذلك نظر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إِلَى بيان أن هذا التوحيد ليس هو المطلوب لذاته، وإنما يأتي في القُرْآن للاستدلال به، وإلزام الْمُشْرِكِينَ بتوحيد الألوهية.

ومن جعله هو المطلوب لذاته وهو الغاية من الطريقة والعبادة كما يقول بعض الضلال والصوفية أو بعض علماء الكلام - فهو عَلَى خطأ عظيم، فالصوفية يدعون أن غاية التوحيد هو أن يعتقد أنه لا تأثير لأحد في الكون إلا لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويقول صحاب جوهرة التوحيد المنظومة في العقيدة الأشعرية:

والفعل في التأثير ليس إلا للواحد القهار جل وعلا

ومن يقل بالقوة المودعـةِ فذاك بدعي فلا تلتفتِ

ومن يقل بالطبع أو بالعلة فذاك كفر عند أهل الملة

فالتوحيد هو: أن يعتقد الإِنسَان أنه لا مؤثر ولا فاعل في الكون إلا الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ولو دعا غير الله، أو ذبح لغير الله، أو صرف أي نوع من أنواع العبادة لغير الله، وهو يعتقد أن المؤثر هو الله وحده، وأن هذا المدعو أو المرجو أو المعبود من دون الله سواء كَانَ ملكاً أو نبياً أو عبداً صالحاً ما هو إلا واسطة ووسيلة وشفيع، وأن المؤثر الفاعل الحقيقي هو الله فهذا عندهم لا يسمى مشركاً، فمن قَالَ: إنه مشرك فقد كفّر الْمُسْلِمِينَ وهو من الخوارج إِلَى آخر ما يقولون!

فإن حقيقة التوحيد عندهم، والغاية النهائية من التوحيد أن يترقى الإِنسَان في فهم الوحدانية حتى يصل به الأمر -كما يقولون- إِلَى أن يعتقد أن هذا العالم كله لا تأثير فيه لأحد إلا الله، وكل هذه الأفعال التي نراها في الكون هي من فعل الله وحده فقط.

ونحن نرد عليهم ونبين ونكشف هذه الشبهات بالأدلة القطعية الجلية من كتاب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ومن سنة رسوله الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن البراهين اليقينية التي يجدها كل مسلم في نفسه، وهي: أن الْمُشْرِكِينَ في الجاهلية ما كانوا يعتقدون لأحد تأثيراً غير الله، وما كانوا يعتقدون أن أحداً خلق أو رزق غير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

هذه هي عقيدة الجاهليين والذين يعبدونهم من دون الله من الآلهة -اللات والعزى ومناة وهبل وود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، فهذه المعبودات والكهان الذين كانوا يطيعونهم بما يأمرونهم، ويلقون إليهم إنما هم واسطة أو وسيلة ((أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ)) [الزمر:43] ويقولون في تلبيتهم: "لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك".

فلم يجعلوا لغير الله ملكاً ولا تأثيراً ولا فعلاً، ولم يكن أحد من كفار قريش يعتقد أن اللات أو هبل هي التي خلقت هذه الجبال التي يراها أهل مكة، أو هي التي خلقت فلاناً وفلاناً قصي وعبد المطلب من زعماء مكة.

إذاً؛ نقول لهم: أنتم تريدون أن ترجعونا إِلَى عين الشرك القديم، وإلى حقيقة الشرك القديم، وهو أنكم تقولون: إنَّ هَؤُلاءِ الْمُشْرِكِينَ الذين يدعون الإسلام -مثلاً- يعتقدون أنه لا تأثير لأحد إلا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

القرآن مملوء بالأدلة على توحيد الربوبية:

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[والقرآن مملوء من تقرير هذا التوحيد وبيانه وضرب الأمثال له. ومن ذلك أنه يقرر توحيد الربوبية، ويبين أنه لا خالق إلا الله، وأن ذلك مستلزم أن لا يعبد إلا الله، فيجعل الأول دليلاً عَلَى الثاني، إذ كانوا يسلمون الأول، وينازعون في الثاني، فيبين لهم - سبحانه- أنكم إذا كنتم تعلمون أنه لا خالق إلا الله، وأنه هو الذي يأتي العباد بما ينفعهم، ويدفع عنهم ما يضرهم، لا شريك له في ذلك، فلم تعبدون غيره وتجعلون معه آلهة أخرى؟

كقوله تعالى: ((قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)) [النمل:60،59].

يقول الله تَعَالَى في آخر كل آية: ((أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ)) أي: أإله مع الله فعل هذا؟

وهذا استفهام إنكار، يتضمن نفي ذلك، وهم كانوا مقرين بأنه لم يفعل ذلك غير الله، فاحتج عليهم بذلك، وليس المعنى استفهام: هل مع الله إله؟ -كما ظنه بعضهم- لأن هذا المعنى لا يناسب سياق الكلام، والقوم كانوا يجعلون مع الله آلهة أخرى كما قال تعالى: ((أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَد)) [الأنعام:19].

وكانوا يقولون: ((أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)) [ص:5].

لكنهم ما كانوا يقولون: إن معه إلهاً ((جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً)) [النمل:61] بل هم مقرون بأن الله وحده فعل هذا وهكذا سائر الآيات.

وكذلك قوله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [البقرة:21].

وكذلك قوله في سورة الأنعام: ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ)) [الأنعام:46] وأمثال ذلك] اهـ.

الشــرح:

يبين المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أن القُرْآن مملوء من تقرير وذكر توحيد الربوبية، وأن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هو وحده الخالق الرازق المُحيي المميت الضار النافع، الذي يدبر الأمر، والذي يغيث الملهوف، ويجيب المضطر، ويكشف السوء ممن دعاه إِلَى غير ذلك من خصائص الربوبية، التي منها أيضاً التفرد: بعلم الغيب المطلق، والتي منها: التفرد بحق التشريع للبشر في الدين وفي مصالح الدنيا، ومنها لوازم كثيرة لعلنا نعرض بعضها -إن شاء الله-.

والقرآن مملوء بذكر هذا التوحيد لكن لا عَلَى انفراد، ولا عَلَى أساس أنه يقره كأمر جديد، وإنما يقول للمشركين: هذا الذي أنتم مقرون به يستلزم ويستوجب منكم الإقرار بما أنتم منازعون فيه، فالمُشْرِكُونَ كانوا ينازعون في أن الله تَعَالَى هو وحده المعبود، وهو الذي يرجى ويدعى ويخاف وحده لا شريك له، وكانت هذه هي المعركة بينهم وبين الرسل.

وكان المُشْرِكُونَ وأهل الكتاب -أيضاً- يعتقدون أن غير الله هو الذي يملك أن يشرع وأن يحلل أو يحرم فالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يلزمهم بأنه وحده الذي خلق الكون والبشر، فهو وحده الذي يشرع لهم، وهو وحده الذي يجب أن يطيعوه، وأما غيره فلا يجوز أن يتخذ رباً كما قال تعالى: ((اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ)) [التوبة:31] وقال تعالى: ((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّه...)) إِلَى أن قَالَ: ((فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض..)) ثُمَّ قَالَ: ((لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض..)) [الشورى:10،12]

ومن كَانَ فاطر السماوات والأرض، وله مقاليد السماوات والأرض، فهو الذي يحق له وحده أن يشرع في السماوات والأرض، وأن يطاع شرعه ويتبع أمره.

والآيات كثيرة من كتاب الله التي تذكر بهذه المعاني لتلزم بما بعدها من توحيد الألوهية، ومنها هذه الآيات التي في سورة النمل: قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)) [النمل:59].

ثُمَّ ذكر خمس آيات تنتهي كل منها بقوله تعالى: ((أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ))...قال تعالى: ((أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ)) [النمل:60] إِلَى أن يقول: ((أَمَّنْ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)) [النمل:64].

وفي هذه السورة بعد أن ذكر في أولها تكذيب قوم فرعون: ((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً)) [النمل:14] وبعد أن ذكر تكذيب قوم سبأ، وقصة أهل اليمن -الذين كانت ملكتهم بلقيس مع سليمان عَلَيْهِ السَّلام- ثُمَّ دخولها في دين الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وبعد أن ذكر تكذيب ثمود قوم صالح، ثُمَّ ذكر قوم لوط وإهلاكهم وما كَانَ لهم، ذكر بعد ذلك هذه الآيات، فالموضوع كله في بيان موضوع أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هو وحده المعبود، وهو وحده المطاع، وأنه -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لا يجوز أن يشرك مع غيره في طاعته وفي عبادته وفي التقرب إليه.

فضرب لهم هذه الأمثلة وبين لهم: أنكم أنتم تقولون: إنه لم يخلق السماوات الأرض إلا الله، ولم ينزل الغيث من السماء فينبت به هذه الحدائق ذات البهجة إلا الله، فيقول -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بعد ذلك منكراً عليهم: ((أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ)) أي: أإله مع الله فعل هذا، فتعبدونه مع الله، فإنه إذا كَانَ غيره قد شاركه في فعل ذلك، فيجوز أن تعبدوا غيره الذي شاركه في هذا الفعل، أما إذا كنتم تقرون بأنه وحده: هو المتفرد بخلق هذه المخلوقات، والمتفرد بخلق السماوات والأرض، والمتفرد بأنه جعل الأرض قراراً، وجعل فيها أنهاراً، وجعل فيها رواسي، وجعل بين البحرين حاجزاً، والمتفرد بأنه: هو الذي يهدي في ظلمات البر والبحر، وأنه هو الذي يكشف الضر ممن دعاه، فيجب عليكم أن تفردوه وحده بالعبادة، ولا تعبدوا غيره أبداً -سبحانه- فلا تدعوا غيره، ولا تصلوا لغيره، ولا تذبحوا لغيره، ولا تنذروا لغيره.

التفسير الصحيح لقوله تعالى ((أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه)):

يقول المُصنِّفُ: ليس الأمر كما فهم بعض الشراح أو بعض المفسرين أن السياق قد انتهى، وكأن قوله:

((أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه)) معناه هل هناك شريك لله؟

فهذا الوجه خطأ لأن الكلام يجب أن يقرأ متصلاً فنقول مثلاً: (((أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّه)) [النمل:60] التقدير: أإله مع الله فعل هذا؟!

سيكون جوابهم: لا. وهذا سؤال إنكار هذا الوجه هو الصحيح في الآية أما الوجه الخطأ فهو أن يظن أن الآية تقول: ((أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا)) [النمل:60] انتهى.

ثُمَّ يقول: ((أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ)) كأنه سؤال جديد يقول: هل لله شريك؟

فهذا الوجه خطأ لأنهم يثبتون لله شريكاً، والله تَعَالَى لا يسألهم هل له شريك؟

يعني مجرد سؤال، إنما المقصود أإِله مع الله فعل هذا فتعبدونه من دون الله؟ فإذا قلتم: لا، لم يفعل هذا أحد مع الله، وإنما فعله الله وحده، فهَؤُلاءِ الشركاء الذين تعبدونهم من دون الله إذن عبادتكم لهم باطلة وشرككم لهم باطل فهذا هو المراد.

وكما قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ((أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى)) [الأنعام:19] فهم يشهدون، ولكن أنت ((قُلْ لا أَشْهَد)) أي: أنهم هم يشهدون أن مع الله آلهة أخرى ويدعون مع الله آلهة أخرى، والاستفهام هنا إنكار عليهم، كيف تؤمنون وتقرون بأنه لم يفعل ولم يخلق أحد غير الله ثُمَّ تعبدون وتدعون غير الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟!

وذكر المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ أيضاً الآيات التي في سورة البقرة -التي قلنا أن فيها أول أمر في القرآن- منها قول تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [البقرة:21].

وسورة البقرة أول سورة نزلت في المدينة، وهي من أعظم سور القرآن؛ لاشتمالها عَلَى أعظم آية في كتاب الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وهي: آية الكرسي ولما اشتملت عليه من الأحكام العظيمة، والمعاني الجليلة، ولذلك -كما في الحديث الصحيح- {لا تستطيعها البطلة} -أي: السحرة والكهان- والشيطان يفر من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه -كما في الحديث الآخر.

وهي أول سورة نزلت في المدينة، جاءت في مفتتح القُرْآن بعد الفاتحة، فذكر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في أولها صفة القُرْآن العظيم، ثُمَّ صفات المؤمنين فيه ثُمَّ الكافرين ثُمَّ المنافقين، وبعد الانتهاء من صفات المنافقين أمر بهذا الأمر الذي هو أول أمر في القُرْآن فقوله سبحانه: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ)) هذا خطاب عام لجميع النَّاس ((اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)) [البقرة:21].

أمر النَّاس جميعاً أن يعبدوه وحده، لأنه هو الذي خلقهم ((الَّذِي خَلَقَكُمْ))فكونه هو الذي خلقكم، وكونه هو الذي خلق الذين من قبلكم، هذه قضية بدهية، وهي حقيقة مقررة عندكم؛ إذاً فاعبدوه وحده لا شريك له وأفردوه بالعبادة سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

والآية التي في سورة الأنعام ((قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ)) [الأنعام:46] وهم مقرون وعالمون أنه لا أحد غير الله يأتيهم بذلك، وأن الله هو الذي رزقهم.

فهذا يبين ويوضح أن كل الآيات التي وردت في القُرْآن -ومنها الآيات التي في سورة النمل- إنما المراد بها أنكم لِمَ تجعلون لله شريكاً في العبادة ما دام أنه ليس له شريكاً في الخلق؟! هذا هو مضمون ما ذكره المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى- في ذلك.

- توحيد الألوهية:

الغاية العظمى لإرسال الرسل هو توحيد الألوهية:

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[وإذا كَانَ توحيد الربوبية، الذي يجعله هَؤُلاءِ النظار، ومن وافقهم من الصوفية هو الغاية في التوحيد: داخلاً في التوحيد الذي جاءت به الرسل -عليهم السلام- ونزلت به الكتب، فليعلم أن دلائله متعددة كدلائل إثبات الصانع ودلائل صدق الرسول، فإن العلم كلما كَانَ النَّاس إليه أحوج كانت أدلته أظهر، رحمةً من الله بخلقه.

والقرآن قد ضرب الله للناس فيه من كل مثل، وهي المقاييس العقلية المفيدة للمطالب الدينية، لكن القُرْآن يبين الحق في الحكم والدليل، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟

وما كَانَ من المقدمات معلومة ضرورية متفقاً عليها استدل بها، ولم يحتج إِلَى الاستدلال عليها، والطريقة الفصيحة في البيان أن تحذف، وهي طريقة القُرْآن بخلاف ما يدعيه الجهال، الذين يظنون أن القُرْآن ليس فيه طريقة برهانية، بخلاف ما قد يشتبه ويقع فيه نزاع، فإنه يبينه ويدل عليه.

ولما كَانَ الشرك في الربوبية معلوم الامتناع عند النَّاس كلهم، باعتبار إثبات خالقين متماثلين في الصفات والأفعال، وإنما ذهب بعض الْمُشْرِكِينَ إِلَى أن ثُمَّ خالقاً خلق بعض العالم كما يقوله الثنوية في الظلمة، وكما يقوله القدرية في أفعال الحيوان، وكما يقوله الفلاسفة الدُّهرية في حركة الأفلاك أو حركات النفوس، أو الأجسام الطبيعية، فإن هَؤُلاءِ يثبتون أموراً محدثة بدون إحداث الله إياها، فهم مُشْرِكُونَ في بعض الربوبية، وكثير من مشركي العرب وغيرهم قد يظن في آلهته شيئاً من نفع أو ضر بدون أن يخلق الله ذلك، فلما كَانَ هذا الشرك في الربوبية موجوداً في الناس، بيَّن القُرْآن بطلانه، كما في قوله تعالى: ((مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ)) [المؤمنون:91] فتأمل هذا البرهان الباهر، بهذا اللفظ الوجيز الظاهر، فإن الإله الحق لا بد أن يكون خالقاً فاعلاً، يوصل إِلَى عابده النفع ويدفع عنه الضر فلو كَانَ معه -سبحانه- إله آخر يشركه في ملكه لكان له خلق وفعل، وحينئذٍ فلا يرضى تلك الشركة، بل إن قدر عَلَى قهر ذلك الشريك وتفرده بالملك والإلهية دونه فعل، وإن لم يقدر عَلَى ذلك انفرد بخلقه وذهب بذلك الخلق، كما ينفرد ملوك الدنيا بعضهم عن بعض بممالكه، إذا لم يقدر المنفرد منهم عَلَى قهر الآخر والعلو عليه، فلا بد من أحد ثلاثة أمور:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
التوحيد (الحلقة الخامسة) توحيد الربوبية: إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» التوحيد (الحلقة الخامسة) توحيد الربوبية: إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية:
» التوحيد (الحلقة الخامسة) توحيد الربوبية: إنما يقصد بتوحيد الربوبية الاستدلال والإلزام به على توحيد الألوهية:
» التوحيد (الحلقة الرابعة) توحيد الألوهية: أهمية توحيد الألوهية:
» التوحيد (الحلقة الثالثة) توحيد الربوبية:
» يتبع التوحيد (الحلقة الثالثة) توحيد الربوبية:

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جنى الجومان  :: العلوم شرعية :: ملتقى العلوم الشرعية-
انتقل الى: