جنى الجومان
مرحبا بكم في منتدى جنى الجومان,,,,,,

نرجوا التسجيل والانضمام في المنتدى """"""
اذا كنت مسجل في المنتدى نرجوا ان تقوم بتسجيل الدخول
تحياتي جنى الجومان ,,,,.......
جنى الجومان
مرحبا بكم في منتدى جنى الجومان,,,,,,

نرجوا التسجيل والانضمام في المنتدى """"""
اذا كنت مسجل في المنتدى نرجوا ان تقوم بتسجيل الدخول
تحياتي جنى الجومان ,,,,.......
جنى الجومان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جنى الجومان

تفريغات معهد شيخ الإسلام العلمى للأخوات فقط
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شرح الاسماء والصفات في العقيده

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ستور الشهرانى
مشرفة
مشرفة
ستور الشهرانى


عدد المساهمات : 46
لؤلؤة : 144
نقاط الأعجاب : 11
تاريخ التسجيل : 03/01/2013

شرح الاسماء والصفات في العقيده Empty
مُساهمةموضوع: شرح الاسماء والصفات في العقيده   شرح الاسماء والصفات في العقيده I_icon_minitimeالأحد أبريل 21, 2013 10:47 am

الأسماء والصفات

(الحلقة الثانية)

توقف فهم المعاني المعبر عنها باللفظ على معرفة عينها:

إن وجود الاقتران أو الاشتراك اللفظي هو سبب ضلال الفرق في معرفة الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالى خاطبنا ووصف نفسه بكلامنا ولغتنا، فهذه اللغة أوهمت بعضهم حتى قال: نحن لا نتصور الاستواء إلا بالشكل الحسي المعروف، ولا نتصور النـزول إلا بالشكل الحسي المعروف، وهو انتقال جسم من مكان إلى مكان، ولا نستطيع أن نتخيل اليد إلا جارحة، ولا نتخيل السمع إلا بأذن وصماخ... الخ.

هذا هو منشأ الخطأ في حق الله تبارك وتعالى، مع أن الله تعالى أخبرنا عن الجنة أن فيها حوراً عيناً، وأن فيها أنهاراً من خمرٍ وأنهاراً من لبن وأنهاراً من عسل، وأن فيها فضةً وحريراً وذهباً، وأن فيها ولداناً وأشجاراً وثماراً، وغير ذلك من أنواع النعيم الذي في الجنة، ومع ذلك نعتقد أن ما عندنا من نعيم الجنة إنما هو الأسماء، فنؤمن به مع اعتقادنا أنه يكون لأهل الجنة، ونرجوا الله سبحانه وتعالى أن نذوق هذا النعيم، ونؤمن أنه نعيم لا يشبهه في الدنيا، ولا يشبهه شيء مما تراه أعيننا في الدنيا، ولا يمكن أن تتخيل عقولنا وأذهاننا شيئاً يشبهه.

فكيف نقول: إننا لا نفهم من صفات الله سبحانه وتعالى إلا ما نعلمه من صفات المخلوقين، وأنه يجب أن نؤولها وننفيها، فخفاء صفات الله سبحانه وتعالى عنا أعظم وأكثر من خفاء نعيم الجنة، وكذلك أحوال يوم القيامة، وغير ذلك من العوالم الغيبية التي نعلمها.

فإن الشبهة الكبرى التي وقع فيها من أوّلَ في باب الصفات هي قولهم: إن الله أنزل هذا القرآن بلغة العرب، وخاطب العرب بما يفهمون، ونحن لا نفهم من لغة العرب إلا أن اليد جارحة، وأن النزول والمجيء هو الانتقال من مكان إلى مكان، وأن العين هي هذه الباصرة، وأن الغضب ثوران القلب، والرحمة استعطاف وانكسار في القلب، وهذه شبهه كبيرة، ولكنها ليست بشيء عند أصحاب العقول السليمة والفطر القويمة.

فصفات الله سبحانه وتعالى جاءت بلغة العرب، فلو خوطبنا بشيء لا ندركه تماماً لما فهمنا أي شيء تماماً، فلا بد أن يكون هناك قدراً معيناً بين الألفاظ الموضوعة وبين المعاني التي وضعت لها الألفاظ، وهذا القدر المعين لا يستلزم بحال من الأحوال أن يكون كل من أطلق عليه اللفظ مساوياً للآخر في الحقيقة.

قال الله سبحانه وتعالى: ((إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً)) [الإنسان:2] وقال سبحانه: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) [الشورى:11] فالله سبحانه وتعالى له سمع يسمع به وبصر يبصر به فيحيط به المسموعات والمرئيات والمبصرات.

فنستطيع فهم الصفات واللوازم، وأما العين والحقيقة والذات فهذه لا نستطيع أن نفهم كيفيتها أبداً، فنؤمن أن الله سميع وبصير، وأنه على العرش، وأنه ينزل، وأنه يغضب، وأنه يرحم، مع الاعتقاد بأننا لا نستطيع معرفة كيفية الغضب والرحمة والاستواء وسائر الصفات؛ ولهذا عندما نفى علماء السلف الكيف وقالوا: نؤمن بلا كيف، ومعناه: إثبات شيء وبمعناه مع جهل كيفيته؛ لأنا إذا كنا ننفي نفس المعنى، فلا نحتاج أن نقول ليس له يد بلا كيف.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

[واعلم أن المخاطب لا يفهم المعاني المعبر عنها باللفظ إلا أن يعرف عينها أو ما يناسب عينها، ويكون بينهما قدر مشترك ومشابهة في أصل المعنى، وإلا فلا يمكن تفهيم المخاطبين بدون هذا قط، حتى في أول تعليم معاني الكلام بتعليم معاني الألفاظ المفردة، مثل تربية الصبي الذي يعلم البيان واللغة، ينطق له باللفظ المفرد، ويشار له إلى معناه إن كان مشهوداً بالإحساس الظاهر أو الباطن.

فيقال له: لبن، خبز، أم، أب، سماء، أرض، شمس، قمر، ماء، ويشار له مع العبارة إلى كل مسمى من هذه المسميات، وإلا لم يفهم معنى اللفظ ومراد الناطق به، وليس أحد من بني آدم يستغني عن التعليم السمعي، كيف وآدم أبو البشر أول ما علمه الله تعالى أصول الأدلة السمعية وهي الأسماء كلها، وكلمه وعلمه بخطاب الوحي ما لم يعلمه بمجرد العقل.

فدلالة اللفظ على المعنى هي بواسطة دلالته على ما عناه المتكلم وأراده، وإرادته وعنايته في قلبه فلا يعرف باللفظ ابتداء. ولكن يعرف المعنى بغير اللفظ حتى يعلم أولاً أن هذا المعنى المراد هو الذي يراد بذلك اللفظ ويعنى به، فإذا عرف ذلك، ثم سمع اللفظ مرة ثانية، عرف المعنى المراد بلا إشارة إليه] اهـ.

الشرح:

إن الألفاظ وضعت لتدل على معان معينة، وهذه المعاني لا بد أن يكون بينها وبين اللفظ قدراً مشتركاً ومن هنا كانت اللغة محتاجة إلى التعليم السماعي، ولذلك لو عاش طفل بين بعض الحيوانات -كما في علم الاجتماع - وصار يرضع منها، ويعيش معها، فإنه لا يتكون لديه لغة، لأن اللغة سماعية، ولها مراحل.

الدرجة الأولى: وهي أبسط مراحل تعلم اللغة كأن تشير للطفل وتقول: هذا جبل، هذا قمر، هذا أب، هذه أم. والطفل يرتبط في ذهنه المعنى بالإشارة فيحفظ، ولذلك لو حفظ الطفل خطأ، وخاطب الناس فسيشير إلى الجبل ويقول: هذا ماء؛ لأنه أخذها تعلماً سمعياً.

ولهذا يذكر المصنف -رحمه الله-: أنه لا يمكن لأحد أن يستغني عن السماع، لأن أبانا آدم عليه السلام علمه الله سبحانه وتعالى أسماء كل شيء، وعلمه كيف يطلق الأسماء على مسمياتها، الموضوعه لها.

والدرجة الأولى أقل درجات الخطاب ومعرفة المخاطب، فالمتكلم إذا كان له معنى في نفسه يريد أن يعبر عنه ويشرحه لغيره، فأوضح شيء في الشرح أن يقول: لو سألك أحد عن شيء لا تعرفه تماماً فقل: مثل هذا، فاللفظ هنا يدل على المعنى الذي فهم عن طريق الإشارة، فهذه الدرجة أدنى درجات الإفهام، ولو ذهب أحدنا إلى أي بلد من البلدان وأراد أن يتعلم لغة ما، لتعلمها بهذه الطريقة، بل حتى في الكتب التعليمية تكتب الكلمة، ويرسم شكلها جوار الاسم، فيعرف أن المقصود بالكلمة المكتوبة هي هذه الصورة.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

[وإن كانت الإشارة إلى ما يحس بالباطن مثل الجوع والشبع والري والعطش والحزن والفرح، فإنه لا يعرف اسم ذلك حتى يجده من نفسه، فإذا وجده، أشير له إليه، وعرف أن اسمه كذا. والإشارة تارة تكون إلى جوع نفسه أو عطش نفسه، مثل أن يراه أنه قد جاع فيقول له: جعت، أنت جائع، فيسمع اللفظ ويعلم ما عيَّنه بالإشارة أو ما يجري مجراها من القرائن التي تعين المراد، مثل نظر أمه إليه في حال جوعه وإدراكه بنظرها أو نحوه أنها تعني جوعه. أو يسمعهم يعبرون بذلك عن جوع غيره] اهـ.

الشرح:

الدرجة الثانية: هي الشيء غير المحسوس كالجوع والظمأ.

عندما يكون الشيء معقولاً، وليس أمراً مشاهداً؛ فإنه يفهمه إذا أحس من نفسه هذا الشيء أو من غيره، واحتفت قرائن تدل على أن هذا هو الشيء المراد، فمثلاً. الطفل يفهم معنى كلمة الجوع أو العطش، إذا أحس في نفسه هذا الشيء ووجد أن أمه تقول: أنت جائع، فتقدم له الطعام أو الحليب، وفي كل مرة يتكرر هذا العمل، أو تقول: أنت عطشان، وتأتي بالماء، فيقترن في ذهنه أن الماء للعطش، وأن الطعام للجوع، فيفهم أن هذا الشيء الذي ينشأ في داخله وهو الحاجة إلى لطعام يسمى جوعاً، والحاجة إلى الشراب تسمى عطشاً، فيفهم الطفل هذا الشيء ويتلقاه، مع أنه غير مشار إليه، فهذا النوع عقلي باطني يدرك بالعقل، فعندما يرى الطفل إنساناً عليه ملامح التجهم والانقباض ويقول أبوه: هذا غضبان، ويأتي إنسان عليه علامات الانشراح والابتسام فيقول الأب: هذا فرح، يفهم الطفل أو غيره معنى كلمة غضبان، ومعنى كلمة فرح.

قال المصنف -رحمه الله تعالى:

[إذا عرف ذلك، فالمخاطب المتكلم إذا أراد بيان معان، فلا يخلوا إما أن يكون مما أدركها المخاطب المستمع بإحساسه وشهوده، أو بمعقوله , وإما أن لا يكون كذلك، فإن كانت من القسمين الأولين، لم يحتج إلا إلى معرفة اللغة، بأن يكون قد عرف معاني الألفاظ المفردة ومعنى التركيب، فإذا قيل له بعد ذلك: ((أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ)) [البلد:8- 9] أو قيل له: ((وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) [النحل:78] ونحو ذلك، فهم المخاطب بما أدركه بحسه. وإن كانت المعاني التي يراد تعريفه بها ليست مما أحسه وشهده بعينه، ولا بحيث صار له معقول كلي يتناولها حتى يفهم به المراد بتلك الألفاظ، بل هي مما لم يدركه بشيء من حواسه الباطنة والظاهرة، فلا بد في تعريفه من طريق القياس والتمثيل والاعتبار بما بينه وبين معقولات الأمور التي شاهدها من التشابه والتناسب، وكلما كان التمثيل أقوى، كان البيان أحسن، والفهم أكمل.

فالرسول -صلوات الله وسلامه عليه- لما بين لنا أموراً لم تكن معروفة قبل ذلك، وليس في لغتهم لفظ يدل عليها بعينها، أتى بألفاظ تناسب معانيها تلك المعاني، وجعلها أسماءً لها، فيكون بينها قدر مشترك، كالصلاة، والزكاة، والصوم، والإيمان، والكفر. وكذلك لما أخبرنا بأمور تتعلق بالإيمان بالله وباليوم الآخر، وهم لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك حتى يكون لهم ألفاظ تدل عليها بعينها، أخذ من اللغة الألفاظ المناسبة لتلك بما تدل عليه من القدر المشترك بين تلك المعاني الغيبية، والمعاني الشهودية التي كانوا يعرفونها، وقرن بذلك من الإشارة ونحوها ما يعلم به حقيقة المراد، كتعليم الصبي،كما قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: الناس في حجور علمائهم كالصبيان في حجور آبائهم] اهـ.

الشرح:

إذا أردت أن تبين معنى من المعاني، فعليك باللفظ الذي يعرفه الناس إما معرفة حسية أو معرفة عقلية، كالأمثلة التي ضربها المصنف ومنها قوله تعالى: ((أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ)) [البلد:8، 9] فاللغة كفت لبيان الأمور المحسوسة والمشاهدة، كما تكفي لمعرفة الأشياء المعقولة لدى الإنسان، كالعلم والرضا والجهل والكرم والغضب وأمثال ذلك من الأمور غير المشاهدة، وهي معلومة بعقول بني آدم.

مثاله: لما قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: {لا تغضب} فعرف الرجل معنى: لا تغضب؛ لأن الغضب معروف لديه ولدى غيره من المخاطبين، وكذلك العلم والرحمة معروفة عند بني آدم.

ومن أمثلة ذلك أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الله سبحانه وتعالى بمعان جديدة، كالصلاة؛ فإنها في لغة العرب بمعنى: الدعاء، والزكاة في لغة العرب بمعنى: التطهير، والصيام عند العرب بمعنى: الإمساك، وكذا الحج بمعنى: القصد إلى الشيء.

فلما جاء الشرع من عند الله سبحانه وتعالى وخاطب الناس بلغتهم: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ)) [إبراهيم:4] عبر عن المعاني الجديدة التي لم يعرفوها قط عن طريق التمثيل والتقريب، وكلما كان المخاطِب أبلغ كان بيانه أجلى، وتمثيله أعظم.

فأتى بالقدر المشترك، كالصلاة فطبقها النبي صلى الله عليه وسلم أمامهم فبدأ بتكبيرة الإحرام، وانتهى بالتسليم، بما في ذلك من قراءة وركوع وسجود، وكذلك الحج: قصد البيت الحرام وأداء النسك.

فقربت هذه المعاني من جنس كلام العرب حتى يفهموها، وأصبح الإنسان بعد ذلك لا يفهم من الصلاة أنها الدعاء، وإنما يفهم منها الصلاة المعروفة، مع أن الصلاة المعروفة الآن بأركانها لا تشبه في مدلولها مجرد الدعاء، الذي يعرفه العرب في الجاهلية، فخوطب الإنسان بما يؤديه، ومن الممكن أن يفهمه، فكيف بما يتعلق بالإيمان بالله سبحانه وتعالى والآخرة؟ وما يتعلق بالأمور الغيبية المطلقة التي لا يعلمها الإنسان ولا يمكن أن يفهمها.

فلا بد أن هناك قدراً مشتركاً بين ما خوطب به الإنسان، وبين حقائقها الغيبية، فمثلاً: النار أو جهنم -والعياذ بالله- إذا قرأها الإنسان في القرآن، فإنه يعلم أنها لا تشبه نار الدنيا، لكن هناك قدر مشترك يجعل هذه تشبه هذه، وكذا الجنة وردت في القرآن بمعنى: الروضة الجميلة، والبستان -مثل أصحاب الجنة في سورة القلم وصاحب الجنتين في سورة الكهف- وليست هي مثل جنة الخلد، والعلاقة بين الطرفين أن فيهما نعيم ورخاء، وكلتاهما تستلذ وتستطاب، ومن أجل هذا القدر المشترك قرب لنا اللفظ، وسميت الجنة لنفهم ونعرف أن فيها نعيم.

والذين أنكروا الصفات قالوا: إن الجنة في كلام العرب لا تعقل، إلا أنه هذا النخل والعنب والشجر والماء، فجنة الآخرة مثلها، وهذه الجنة تفنى؛ لأنها أجسام معينة ونباتات، والنباتات من خواصها ولوازمها الفناء، فدخلوا في قضايا عقلية قياسية بسبب قولهم: إن اللغة وضعت هذه اللفظة هكذا.

ونرد عليهم: أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن نعيم الجنة: (فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)، وكما قال ابن عباسSadما عندكم في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء) أي: الاشتراك اللفظي فقط، فهذه جنة وهذه جنة، وهذا نهر وهذا نهر، وهذا خمر وهذا خمر، لا يعني أن جنة الدنيا كجنة الآخرة، ولا أن أنهارها كأنهارها، ولا أن خمرها كخمرها؛ لكن لما أراد الله سبحانه وتعالى أن يفهمنا ويُعْلمَنا بهذه الجنة، وكانت مما لا ندركه بحواسنا ولا بعقولنا، خاطبنا بأمر نعقله عن طريق التمثيل للتقريب.

وصفات الله سبحانه وتعالى أعظم من ذلك وأجل، فإن الله سبحانه وتعالى عليم، سميع، بصير، رحيم، كما أخبر عن نفسه، فهناك قدر مشترك لفظي فقط، بينها وبين صفات الإنسان، وهو أن الإنسان يدرك المسموعات التي تليق به، والله تبارك وتعالى يدرك المسموعات التي تليق به، وهو سبحانه قد أحاط بكل شيء علماً، ولا يفوته شيء، ولا يعجزه شيء، بخلاف الإنسان فإن سمعه محدود.

وكذلك البصر فإنه لا يخفى على الله -تبارك وتعالى- شيء، وأما الإنسان فبصره محدود.

فخوطبنا بهذه الكلمة من كلام العرب لكي نعرف حقيقة المعنى، ونميز بين هذا المعنى والمعنى الآخر، فكون الله سبحانه وتعالى سميعاً غير كونه بصيراً، وكذلك الإنسان له سمع وبصر، وكونه سميعاً يفرق عن كونه بصيراً، فإذا قلت لك: هذا إنسان بصير، فإنك تفهم أن له عيناً يبصر بها.

وإذا قلت لك: هذا إنسان سميع، فإنك فهمت شيئاً آخر، ولذلك جاءت الألفاظ في القرآن والسنة لتبين هذه المعاني، ونعرف القدر المشترك البسيط من إدراك المسموعات أو إدراك المبصرات، ولكن ليس الإدراك مثل الإدراك، أما حقيقة الذات المعني بها اللفظ فلا يمكن إدراكها، ولا يمكن للعقول أن تتخيلها أو تتوهمها، لأنك لا تستطيع أن تتخيل ما هو أهون من ذلك، وهو نعيم الجنة الذي هو أقل من ذلك بكثير.

فالدرجة الثالثة: إذاً هي درجة الأشياء التي لا تدخل تحت معرفة البشر الحسية أو العقلية، ولكن الخطاب يكون بما يماثلها ليقربها، وكلما كان البيان أكمل كلما كان تقريب المعنى لديه أعظم.

وهذا يستعمل حتى في الأشياء البشرية المستجدة؛ فلو أن هناك جهازاً اُخترع، وتريد أن تعرفه لإنسان وتشرحه له، وهو لم ير هذه الآلة من قبل، ولم يفكر فيها، فتضرب له مثلاً وتقول: هذه الآلة مثل الطائرة -مثلاً- ليعرف أو يتصور شيئاً معيناً يميز به هذا الشيء، فإذا أريته الآلة، وقلت له: هذه الآلة التي كنت أشرحها لك، فإنه سيجد شيئاً غريباً لم يخطر على باله، والذي خطر على باله أولاً إنما هو شيء يميز به هذه عن غيرها.

وهذا هو فائدة الاسم في اللغة العربية، أن يميز به الشيء عن الآخر، فالأسماء توضع للتمييز بين الأشياء فقط، فهذا أحمدُ، وهذا عليٌ وهكذا، ولكن قد يكون هناك شخصان كلاهما اسمه علي، وتختلف حقيقة كل منهما، فالألفاظ تأتي للتقريب والدلالة، وأسماء الله تعالى وصفاته وضعت لها ألفاظ ليميز بعضها عن بعض.

وكذلك القدر المشترك اللفظي بين ما وصف الله سبحانه وتعالى به نفسه، وما وصف به خلقه من بنى الإنسان، أمر معقول في كل ذهن، لا في الحقيقة والواقع والذوات؛ فليس هناك أي تشابه على الإطلاق.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[وأما ما يخبر به الرسول من الأمور الغائبة، فقد يكون مما أدركوا نظيره بحسهم وعقلهم، كإخبارهم بأن الريح أهلكت عاداً، فإن عاداً من جنسهم والريح من جنس ريحهم، وإن كانت أشد، وكذلك غرق فرعون في البحر، وكذا بقية الأخبار عن الأمم الماضية. ولهذا كان الإخبار بذلك فيه عبرة لنا، كما قال تعالى: ((لَقَدْ كَانَ فِي قَصصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)) [يوسف:111] وقد يكون الذي يخبر به الرسول مما لم يدركوا مثله الموافق له في الحقيقة من كل وجه، لكن في مفرداته ما يشبه مفرداتهم من بعض الوجوه، كما إذا أخبرهم عن الأمور الغيبية المتعلقة بالله واليوم الآخر، فلا بد أن يعلموا معنى مشتركاً وشبهاً بين مفردات تلك الألفاظ وبين مفردات ألفاظ ما علموه في الدنيا بحسهم وعقلهم.

فإذا كان ذلك المعنى الذي في الدنيا لم يشهدوه بعد، ويريد أن يجعلهم يشهدونه مشاهدة كاملة ليفهموا به القدر المشترك بينه وبين المعنى الغائب، أشهدهم إياه، وأشار لهم إليه، وفعل فعلاً يكون حكاية له وشبهاً به، يعلم المستمعون أن معرفتهم بالحقائق المشهودة هي الطريق التي يعرفون بها الأمور الغائبة، فينبغي أن تعرف هذه الدرجات:

أولها: إدراك الإنسان المعاني الحسية المشاهدة.

وثانيها: عقله لمعانيها الكلية.

وثالثها: تعريف الألفاظ الدالة على تلك المعاني الحسية والعقلية.

فهذه المراتب الثلاث لا بد منها في كل خطاب.

فإذا أخبرنا عن الأمور الغائبة، فلا بد من تعريفنا المعاني المشتركة بينها وبين الحقائق المشهودة والاشتباه الذي بينهما، وذلك بتعريفنا الأمور المشهودة، ثم إن كانت مثلها، لم يحتج إلى ذكر الفارق، كما تقدم في قصص الأمم، وإن لم يكن مثلها، بين ذلك بذكر الفارق، بأن يقال: ليس ذلك مثل هذا، ونحو ذلك، وإذا تقدر انتفاء المماثلة كانت الإضافة وحدها كافية في بيان الفارق، وانتفاء التساوي لا يمنع منه وجود القدر المشترك الذي هو مدلول اللفظ المشترك، وبه صرنا نفهم الأمور الغائبة، ولولا المعنى المشترك ما أمكن ذلك قط] اهـ.

الشرح:-

لكي نفهم هذه المراتب الثلاث: المعرفة الحسية، والمعرفة العقلية، ومالا يدخل تحت الحس أو العقل، ينبغي أن نعرف الرد على الذين ينفون صفات الله سبحانه وتعالى ويقولون: الألفاظ الموضوعة لا يفهم منها إلا هذا الشيء، فنحن لا نفهم من اليد إلا الجارحة، ولا نفهم من النزول إلا الانتقال،ولا نفهم من المجيء إلا الانتقال وهكذا، فنقول: ما أتفه هذه العقول وما أضلها، يقول تعالى: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) [الشورى:11] فنحن لا نستخدم أي لفظ لم يأت به الشرع، بل هذا دليل على أن التشبيه في قلوبنا إن استخدامنا غير الألفاظ الشرعية، أما علماء الكلام ونفاة الصفات ففي قلوبهم وأنفسهم تشبيه فهم يحرفون كلام الله، ويضيفون إليه ما لم يضفه.

- مجيء النفي في صفات الله إنما هو لكمال ضدها:

[[قال الطحاوي رحمه الله:

[ولا شيء يعجزه].

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[لكمال قدرته، قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) [البقرة:20]: ((وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً)) [الكهف:45] ((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً)) [فاطر:44] ((وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)) [البقرة:255].

لا يؤده أي: لا يكرثه ولا يثقله ولا يعجزه. فهذا النفي لثبوت كمال ضده، وكذلك كل نفي يأتي في صفات الله تعالى في الكتاب والسنة إنما هو لثبوت كمال ضده، كقوله تعالى: ((وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)) [الكهف:49]، لكمال عدله، ((لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ)) [سبأ:3] لكمال علمه. وقوله تعالى: ((وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ)) [ق:38] لكمال قدرته. ((لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ)) [البقرة:255] لكمال حياته وقيوميته. ((لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)) [الأنعام:103] لكمال جلاله وعظمته وكبريائه، وإلا فالنفي الصرف لا مدح فيه، ألا يرى أن قول الشاعر:

قُبَيِّلة لا يغــدرون بذمـةٍ ولا يظلمون الناس حبة خردل

لما اقترن بنفي الغدر والظلم عنهم ما ذكره قبل هذا البيت وبعده، وتصغيرهم بقوله: "قُبيلة" عُلم أن المراد عجزهم وضعفهم، لا كمال قدرتهم، وقول الآخر:

لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ليسوا من الشر في شيء وإن هانا

لما اقترن بنفي الشر عنهم ما يدل على ذمهم، عُلم أن المراد عجزهم وضعفهم أيضاً.

ولهذا يأتي الإثبات للصفات في كتاب الله مفصلاً، والنفي مجملاً، عكس طريقة أهل الكلام المذموم، فإنهم يأتون بالنفي المفصل والإثبات المجمل.

يقولون: ليس بجسم ولا شبح ولا جثة ولا صورة ولا لحم ولا دم ولا شخص ولا جوهر ولا عَرَض ولا بذي لون ولا طعم، ولا رائحة، ولا مجسة، ولا بذي حرارة ولا برودة ولا رطوبة ولا يبوسة ولا طول ولا عرض ولا عمق ولا اجتماع ولا افتراق ولا يتحرك ولا يسكن، ولا يتبعض، وليس بذي أبعاض وأجزاء وجوارح وأعضاء، وليس بذي جهات، ولا بذي يمين ولا شمال وأمام وخلف وفوق وتحت، ولا يحيط به مكان ولا يجرى عليه زمان، ولا يجوز عليه المماسة ولا العزلة، ولا الحلول في الأماكن، ولا يوصف بشيء من صفات الخلق الدالة على حدوثهم، ولا يوصف بأنه متناهٍ، ولا يُوصف بمساحة ولا ذهاب في الجهات، وليس بمحدودٍ، ولا والد ولا مولود، ولا تُحيط به الأقدار ولا تحجبه الأستار... إلى آخر ما نقله أبو الحسن الأشعري رحمه الله عن المعتزلة.

وفي هذه الجملة حق وباطل، ويظهر ذلك لمن يعرف الكتاب والسنة. وهذا النفي المجرد مع كونه لا مدح فيه، فيه إساءة أدب، فإنك لو قلت للسلطان: أنت لست بزبال ولا كساح ولا حجام ولا حائك، لأدبك على هذا الوصف وإن كنت صادقاً، وإنما تكون مادحاً إذا أجملت النفي، فقلت: أنت لست مثل أحد من رعيتك، أنت أعلم منهم وأشرف وأجل، فإذا أجملت في النفي، أجملت في الأدب]ا.هـ.

الشرح:-

يقول الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى:

[ولا شيء يعجزه].

فقال المصنف رحمه الله تعالى: [لكمال قدرته... إلخ....].

وهذا من دقيق فهم ابن أبي العز "الشارح" رحمه الله، وهو أن الله سبحانه وتعالى إذا وصف بنفي شيء، فإنما يكون لكمال ضده، فكل آية فيها نفي يأتي بعدها ما يدل على الكمال،كما قال: ((وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوب)) [ق:38] وذلك لكمال قدرته سبحانه وتعالى في خلق السماوات والأرض، وقال: ((لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْم)) [البقرة:255] لكمال حياته وقيوميته التي وردت في أول الآية، وقال: ((لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)) [الأنعام:103] أي: لكمال جلاله وعظمته أن يحيط بها أي شيء.

فالنفي الصرف المطلق لا يقتضي المدح، أي: لا مدح فيه في لغة العرب، قال أحد الشعراء يهجو قبيلة:

قبيلــة لا يغــدرون بذمــة ولا يظلمون الناس حبة خردل

فهذا ليس مدحاً لهم، وإنما أراد أن يقول: إنهم ضعفاء عاجزون لا يؤذون أحداً لضعفهم، ولا يغدرون إذا عاهدوا، ولا يظلمون الناس ولو حبة خردل لضعفهم وجبنهم، كما قال المتنبي:

والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفــة فلعـلة لا يظلـم

أي: أن هناك علة، كعدم قدرة أو خوف، وذلك لأن الظلم من شيم النفوس، وهذا هو المعنى الجاهلي، وكما قال آخر:

لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ليسوا من الشر في شيء وإن هانا

كأن ربك لم يخلق لخشيتـــه سواهـم من جميع الناس إنسان

أي: كأن الله لم يخلق أحداً يخافه إلا قومه، ينفي عنهم الشر، وهذا ليس مدحاً لقومه، بل يهجوهم ويتهمهم بالضعف والخور والجبن والعجز.

فالله سبحانه وتعالى وهو أعظم من يُوصف ويُثنى عليه الثناء اللائق بجلاله، لا يوصف بمجرد السلوب.

فلا نقول: لا يظلم فقط؛ وإنما: لا يظلم لكمال عدله، والذين يصفون الله بالنفي المجرد فقط فقد وقعوا في ضلال في صفات الله سبحانه وتعالى، ووقعوا في إساءة الأدب مع الله سبحانه وتعالى.

فلو دخل أحد على ملك وأراد أن ينزه الملك، فقال: أيها الملك أنت لست بزبال، ولا كناس ولا طباخ، ولا حجام، فإن الملك سيؤدبه، والناس سيسخرون منه ويقولون: الملك في درجة عالية وأنت تخاطبه هكذا، فتنفي عنه أشياء حقيرة.

فكيف يوصف مالك الملوك بصفة سلبية أو إضافية، فيقولون: ليس بجاهل، أو يقولون: له علم، أو عنده علم، فيضيفون له العلم، ولا يقولون: إنه عليم.

لأنه يخيل إليهم أنهم إذا قالوا: "عليم"، أنهم قد أثبتوا شيئاً فيه تشبيه، أما إذا قالوا: "ليس بجاهل" فهذا مجرد نفي ولا يقتضي إثبات شيء.

وقد ذكر المصنف رحمه الله ألفاظاً كثيرة جداً فقال عنها: فيها حق وباطل، فقولهم: ليس بجسم ولا شبح ولا جثة ولا صورة ولا لحم ولا دم، هذه نفيها حق، وقد يكون فيها باطل، كما نفوا عن الله صفة ثابتة له بقولهم: وليس فوق، وأما قولهم: وليس بذي أبعاض وأجزاء وجوارح وأعضاء، فهذه توهم الباطل؛ فإنهم يريدون بقولهم هذا أن يوهموا ويجعلوا الصفات من باب الأعضاء والجوارح.

وكقولهم: الحمد لله الذي تنزه عن الزمان والمكان، وأصرح منه: ولا يسأل عنه بالأين، فهذا كله باطل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أعرف الخلق بالله سأل الجارية {أين الله؟}، وقولهم: ولا والد ولا مولود، هذا حق كما جاء في كتابه سبحانه وتعالى، فبعض كلامهم في النفي حق، وبعضه باطل، وبعضه يوهم الباطل أو قد يؤدي إليه.

وأما في الثناء والمدح والإثبات فإننا نفصل، كما فصل الله ورسوله، فالآيات والأحاديث في الإثبات مفصلة، فيخبر الله سبحانه وتعالى عن نفسه بأخبار مفصلة، كما في أواخر سورة الحشر، وآية الكرسي، والفاتحة، والإخلاص ونحو ذلك، وأما النفي فإنه مجمل، كما قال تعالى: ((هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً)) [مريم:65] وهو استفهام بمعنى النفي، وهو نفي مجمل، وقال تعالى: ((لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)) [الإخلاص:3-4].

وأما لفظ: الجوهر والعرض والرطوبة والحرارة والعمق والارتفاع ونحوها.

فهذا من إساءة الأدب مع الله سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أن المعطلة هم في أصلهم مشبهة، وأن تعطيلهم نابع من التشبيه، فشبهوا الله بفهمهم ثم نفوا ما فهموه، فعندما قالوا: ليس بذي حرارة ولا رطوبة، كان هذا ما توهموه، وأن إثبات أسماء الله وصفاته يستلزم حرارة ورطوبة وطولاً وارتفاعاً، ثم قاموا بنفي ما فهموه، فالقاعدة المهمة في باب الصفات عند أهل السنة والجماعة أن نثبت لله سبحانه وتعالى الصفات إثباتاً مفصلاً، وننفيها نفياً مجملاً.

- سبيل أهل السنة هو التعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية:

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية، هو سبيل أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ. والمعطلة يعرضون عما قاله الشارع من الأسماء والصفات، ولا يتدبرون معانيها، ويجعلون ما ابتدعوه من المعاني والألفاظ هو المحكم الذي يجب اعتقاده واعتماده.

وأما أهل الحق والسنة والإيمان فيجعلون ما قاله الله ورسوله هو الحق الذي يجب اعتقاده واعتماده، والذي قاله هَؤُلاءِ إما أن يعرضوا عنه إعراضاً جملياً، أو يبينوا حاله تفصيلاً، ويحكم عليه بالكتاب والسنة، لا يحكم به عَلَى الكتاب والسنة. والمقصود: أن غالب عقائدهم السُلوب، ليس بكذا، ليس بكذا.

وأما الإثبات، فهو قليل، وهي أنه عالم قادرٌ حيٌ، وأكثر النفي المذكور ليس متلقى عن الكتاب والسنة ولاعن الطرق العقلية التي سلكها غيرهم من مثبتة الصفات، فإن الله تَعَالَى قَالَ: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) [الشورى:11] ففي هذا الإثبات ما يقرر معنى النفي، ففهم أن المراد انفراده سبحانه بصفات الكمال، فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى موصوف بما وصف به نفسه، ووصفه به رسله، ليس كمثله شيء في صفاته ولا في أسمائه ولا في أفعاله، مما أخبرنا به من صفاته، وله صفات لم يطلع عليها أحد من خلقه، كما قال رسوله الصادق صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دعاء الكرب: {اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو اسـتأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القُرْآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي}.

وسيأتي التنبيه عَلَى فساد طريقتهم في الصفات إن شاء الله تعالى.

وليس قول الشيخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: [ولا شيء يعجزه] من النفي المذموم، فإن الله تَعَالَى قَالَ: ((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً)) [فاطر:44].

فنبه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في آخر الآية عَلَى دليل انتفاء العجز، وهو كمال العلم والقدرة، فإن العجز إنما ينشأ إما من الضعف عن القيام بما يريده الفاعل، وإما من عدم علمه به، والله تَعَالَى لا يعزب عنه مثقال ذرة، وهو عَلَى كل شيء قدير، وقد علم ببدائه العقول والفطر كمال قدرته وعلمه، فانتفى العجز، لما بينه وبين القدرة من التضاد؛ ولأن العاجز لا يصلح أن يكون إلهاً، تَعَالَى الله عن ذلك علواً كبيراً]اهـ.

الشرح:

قاعدة أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ في الأسماء والصفات أنهم يثبتون ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إثباتاً مفصلاً، وينفون نفياً مجملاً، وأما طريقة أهل البدع فإنهم ينفون نفياً مفصلاً، ويثبتون إثباتاً مجملاً، والجهمية والباطنية الغلاة والمتفلسفة ينفون جميع الصفات ويوافقون في إثبات صفة واحدة وهي الوجود، وكلامهم خارج عن الكتاب والسنة؛ لأنه لم يرد فيهما الاقتصار عَلَى النفي فضلاً عن النفي بالسلب فقط، وكذلك هو خارج عن الطرق العقلية التي يتخذها بعض مثبتة الصفات -أي: الطرق العقلية التي سلكها الأشاعرة في إثبات الصفات السبع- بل بعضهم يقول: لا نقول موجود، بل نقول: ليس بمعدوم فقط، فهم لا ينفون إلا بالسلب.

وبعضهم يقول: موجود، ويسميه واجب الوجود.

فيُقَالُ لهم: إذا أثبتم وجوداً لا يشبه وجود غيره وهي صفة ثبوتية، فكذلك أثبتوا له استواءً لا يشبه استواء غيره، ويداً لا تشبه يد غيره، وهكذا في جميع الصفات.

وفي هذا الحديث دعاء عظيم فمن دعا بهذا الدعاء فكأنما دعا الله باسمه الأعظم؛ لأنه يقول: {اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك... إلخ} وفي الجملة الأخيرة يدخل الاسم الأعظم وإن كَانَ ورد أنه في آية الكرسي أو نحو ذلك، لكن حقيقة الاسم الأعظم، أو حقيقة أن لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صفات وأسماء لا نعلمها، هذه ثابتة بنص هذا الحديث، ولذلك فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يثبت له ما أثبت لنفسه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وبعض صفاته التي لم يخبرنا بها، فاعتمادنا عَلَى ما ثبت به الدليل وليس للعقل أو غيره مجال في ذلك، ثُمَّ عاد المُصنِّفُ معقباً عَلَى قول الإمام الطّّحاويّ الذي هو جزء من الآية "لا يعجزه شيء" وهل يدخل في النفي المحض أم لا؟ ونحن نقول: لا يدخل في ذلك لأن هذا جزء من الآية، التي في آخر سورة فاطر ((وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً)) [فاطر:44] ويكون العجز من الإِنسَان بسبب الجهل وقد يكون عالماً بالشيء؛ لكنه لا يقدر عليه، أما الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإنه نفى عن نفسه العجز، وأثبت العلم والقدرة، فمن كَانَ لديه كمال العلم وكمال القدرة -وهو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فإنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

























PAGE





PAGE 20














الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
شرح الاسماء والصفات في العقيده
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حلقه من الاسماء والصفات
» الحلقه الثانيه من الاسماء والصفات
» تكملة موضوع التوحيد في العقيده
» الأسماء والصفات (الحلقة الأولى) معنى قوله تعالى: ليس كمثله شيء:
» معنى التوحيد في العقيده

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جنى الجومان  :: العلوم شرعية :: ملتقى العلوم الشرعية-
انتقل الى: