الولادة المتعسرة وبناء الحضارة

‏

الولادة المتعسرة وبناء الحضارة

الولادة جزء صغير جداً فى حياة الإنسان ، ولكنها لحظة مؤلمة وسعيدة فى نفس
الوقت ، وعندما تتأخر هذه اللحظة تتجه الأعين نحو الطبيب ، هل ستكون
الولادة طبيعية أم تحتاج إلي عملية قيصرية ،فالأمر له علاقة بحياة الآخرين ،
والخطا فيها قد يسبب تشويها للجنين أو الوفاة !
لذلك مثل هذه اللحظة
تحتاج إلي طبيب ماهر لا إلي طبيب مبتديء ، وللأسف الشديد يتدخل فى مثل هذه
العمليات الصعبة الآن من لم يشتغل بالطب يوماً ، ولكنها الحماقة التى
تنتابنا أحياناً .
فحياة الأمم وبناء الحضارات يبدأ بولادة متعسرة بعد
مخاض كبير ، والقائد الماهر هو من يصبر على البناء ويراعيه ويقدم له الدعم
اللازم ويحميه من شر السقوط
والرعية
عليها أن تصبر ايضاً وتدعم هذا البناء وفى نفس الوقت غذا وجدت انحرافاً عن
جادة الصواب تبين ذلك وتوضحه ولا تبالى بمن يغضب من ذلك ، لأنه يجب علينا
ان نصنع تاريخ أمتنا دون صناعة طواغيت يحكمونها ، ولكن هذا لا يكون عن طريق
الأصوات العالية والهمهمات المصطنعة .

التقوي ركن ركين من حضارتنا ، تأبى علينا أن نكذب ونخادع من أجل بناء الأمة العظيمة !
فالأمة المسلمة التى تجعل الوحى هو منارتها ومصدر ثوابتها لا يحق ولا يجوز
فى حقها أن تبدأ مشوارها الطويل بالانحراف عن ثوابتها وإلا لكان تقدمها
نحو الانحراف ومن ثمَّ الهاوية ، ولنا عبر كثيرة فى دولنا عبر الزمن
وخصوصاً فى الأندلس
فلقد علمنا الدنيا بأسرها ، فأنارت المعرفة ظلمات
الجهل الكنسي بأوروبا ، ثم تفشَّت فى دولتنا المعاصي وضعفت التقوي فانكسرنا
ومن يومها ونحن نبتغي الرجوع !

أعلم جيداً أن سنعود لقيادة
العالم ، لنخرجه من ظلمات الوثنية وطغيان المادة إلي نور التوحيد والعدل
والعزة ، سنخرجه من طغيان الشهوات عند بني الإنسان إلي استقرار النفوس علي
طاعة خالقها ومحبة رازقها ، فنحن أمة تمرض ولكن لا تموت

المطلوب منا كبير وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية ، وأما من يلعب بأمته
ويُسخِر مقدَّراتها من شبابها ورجالها ونسائها من أجل أمور أخري لا تتعلق
بمشروعنا الحضاري فإنه يحرق نفسه بهدوء ، أمّا الأمة فستنهض وتقوم لتقود .

محمد سعد الأزهرى

» ركن بيبى حديث الولادة